المقاييس
المقاييس (المترولوجيا) علمٌ من العلوم الاساسية التي تدخل في جميع مناحي الحياة من الأبحاث والدراسات الى الأعمال اليومية-كتعبئة الوقود في سيارتك- وغيرها من الأنشطة الحياتية التي يدخل فيها القياس، وقد اضطرت بعض الدول في الماضي الى اتخاذ بعض وحدات القياس الخاصة بها لتسهيل أنشطتها الحياتية فنشأت عدة وحدات قياس لنفس الكمية، فكان مثلاً يقاس الوزن في بعض الدول بوحدة الرطل وأخرى بالأوقية وأخرى بالباوند. وحقيقة اختلاف وحدات القياس أصبح عائقاً امام التجارة البينية بين الدول إلى أن اتفق رؤساء 17 دولة في 20 مايو من عام 1875م في باريس على إنشاء المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) بموجب اتفاقية تعرف اليوم باتفاقية المتر (Metre Convention) وفي عام 1889 وافق المؤتمر العام للأوزان والمقاييس المنبثق عن هذه الاتفاقية على اعتماد الوحدات الثلاثة التالية كوحدات قياس اساسية (Basic Units) وهي:
- الكيلوغرام ….. وحدة قياس الكتلة (اي الوزن)
- المتر ….. وحدة قياس الطول
- الثانية …. وحدة قياس الزمن
لاحقاً، تم اضافة الوحدات التالية (الكلفن … وحدة قياس الحرارة، الأمبير …وحدة قياس التيار الكهربائي، المول…. وحدة قياس المادة، والقنديلة …وحدة قياس شدة الاضاءة) وتعرف حالياً هذه الوحدات بنظام الوحدات الدولي (SI Units).
لمعلومات أكثر
نظام الوحدات الدولي (SI)
النظام العلمي الموصي به لوحدات القياس هو نظام الوحدات الدولي (SI) وهو نظام وحدات القياس الأوسع انتشارا في العالم، واشتق هذا النظام من نظام (متر-كيلوغرام – ثانية) للقياس بإضافة بعض الوحدات، وكونه بديلا عن نظام (السنتمتر-غرام -ثانية) القديم يسمى هذا النظام بالنظام المتري.
يتكون نظام الوحدات الدولي (SI) من مجموعة من الوحدات الأساسية والبادئات والوحدات المشتقة كما يلي:
- الوحدات الأساسية تتكون من سبع وحدات: متر، كيلوغرام، ثانية، أمبير، كلفن، مول، قنديلا.
- تشكل الوحدات المشتقة من خلال الجمع بين الوحدات الأساسية وفقا للعلاقات الجبرية التي تربط الكميات المناظرة. ويمكن الاستعاضة عن أسماء ورموز بعض الوحدات التي تشكلت بذلك بأسماء ورموز خاصة يمكن أن تستخدم نفسها لتشكيل تعبيرات ورموز لوحدات مشتقة أخرى.
- الوحدات الدولية ليست ثابتة ولكن تتطور لتتناسب مع متطلبات العالم المتزايد على نحو متزايد للقياسات.
وقد أعاد علماء دول العالم تعريف أربع وحدات (الكيلوغرام، والأمبير، وتم تعديل تعريف وحدة قياس الحرارة كلفن ووحدة كمية المادة والمول). وسيتم ربط تعريفات جميع وحدات القياس الدولي التي تم مراجعتها بالثوابت الفيزيائية، والتي تضمن استقرارها وعالميتها.
حيث اتخذ هذا القرار التاريخي في اليوم الأخير من الاجتماع (26) للمؤتمر العام للأوزان والمقاييس (CGPM)، الذي عقد في قصر المؤتمرات في فرساي (باريس، 13 – 16 نوفمبر 2018م) عندما طلب من الدول الأعضاء في المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) التصويت لصالح اعتماد قرار الذي من شأنه أن يعيد تعريف أربع من الوحدات الأساسية السبعة SI وقد صوتت كل من الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كأعضاء في اتفاقية المتر الدولية لصالح القرار.
أهمية المقاييس (المترولوجيا) في حياتنا اليومية
في التقدم العلمي والتطوير الصناعي والتكنولوجي
يدعم نشاط المقاييس التقدم العلمي والتكنولوجي الذي تنعم به المجتمعات حالياً، فمعظم الأبحاث والدراسات تصدر عن مراكز البحث في مختبرات القياس الوطنية (NMIs) الرائدة ومعظم الفائزين في جوائز نوبل في العلوم والفيزياء جاءوا من مختبرات القياس وأكثر الأبحاث والدراسات تصدر عن مختبرات القياس الوطنية.
فأساس أي تطوير علمي أو صناعي هو القياس، وبدونه لا يمكن للصناعة أن تتقدم، فمعظم العمليات الصناعية ووسائل مراقبتها وضبط جودة مخرجاتها تعتمد على القياس.
في تصميم وتصنيع المنتجات التي تلبي حاجات السوق:
تقاس جودة المنتجات أو الخدمات بمدى تلبيتها لحاجات ومتطلبات السوق وعليه، فلا يمكن الحكم على مخرجات أي تصميم لإحدى المنتجات او الخدمات دون استخدام وسائل قياس موثوق بها.
في التقليل من المنتجات غير المطابقة للمواصفات:
إن مراقبة مخرجات العمليات الصناعية قد ينتج عنها منتجات لا تفي بمتطلبات السوق ولغاية تحليل الأسباب المباشرة لحالات عدم مطابقة هذه المخرجات وتطبيق الإجراءات التصحيحية لمنع تكرارها يستلزم بدون أدني شك القياس بأدوات قياس ذات مصداقية عالية تساعد في تحري السبب المباشر وتمنع من تكراره.
في التجارة:
تستند معظم المعاملات التجارية إلى القياس لبيان كمية أو حجم أو جودة المنتجات أو الخدمة الخاضعة لعملية التبادل التجاري، فعادة يشتري التاجر مادة القمح بسعر معين لكل كيلو غرام أو طن عند درجة رطوبة معينة. ويقوم تاجر الأخشاب باستيراد ألواح الخشب وذلك بسعر معين لكل متر مكعب. فمن يضمن لتاجر القمح انه استلم الكمية التي طلبها ودفع ثمنها ومن يضمن لتاجر الأخشاب انه استلم الأمتار المكعبة من الأخشاب التي قام باستيرادها!
إن وجود نظام مقاييس وطني موثوق به هو الذي قد يحمي تاجر القمح وتاجر الأخشاب ويضمن لهم استلام كمياتهم بشكل صحيح إضافة إلى أنه يحمي الاقتصاد الوطني بشكل عام.
للمستثمر (تشجيع الاستثمار):
ينظر المستثمر عند التفكير بالاستثمار في أي بلد إلى البنية التحتية لهذا البلد من طرق ووسائل اتصالات وغيرها. وتعتبر البنية التحتية لجودة المنتجات والخدمات التي سوف يقدمها المستثمر للسوق من أهم العناصر لنجاح استثماره.
فجودة المنتجات والخدمات التي سيقدمها المستثمر للمستفيدين تتطلب عناصر مهمة أولها وجود نظام مقاييس قادر على ضمان الثقة في نتائج القياس التي تجرى لضمان جودة المنتجات والخدمات التي تقدم لهم.
أثر المقاييس على الاقتصاد، الصحة والسلامة، البيئة.
الاقتصاد:
يعتمد الاقتصاد العالمي اليوم على القياسات والاختبارات الموثوقة (Reliable Measurements)، والمقبولة على المستوى الدولي وينبغي أن لا تشكل القياسات والاختبارات أية عوائق او حواجز فنية أمام التجارة الدولية، وللوصول الى ذلك يجب أن تتوفر البنية التحتية المناسبة في مجال المقاييس كشرط مسبق لتحقيق ذلك.
ويكمن الهدف من توفر البنية التحتية المناسبة في مجال المقاييس إلى ضمان صحة القياسات التي تجرى على مستوى كل الدول ويزيد الثقة في نتائج الفحص والاختبار ويمهد الطريق إلى الاعتراف الدولي المتبادل. ويعتبر وجود البنية التحتية المناسبة في مجال المقاييس من الأمور التي من شانها أن تسهم في إزالة العوائق الفنية وتسهل التجارة البينية بين الدول، إضافة إلى حماية صحة وسلامة المجتمع والبيئة مما ينعكس بشكل إيجابي على رفاهية ومستوى المعيشة.
ويسهم وجود البنية التحتية المناسبة للمترولوجيا في:
- التطور العلمي والتقني.
- دعم الاقتصاد الوطني.
- ضمان العدالة في التعامل التجاري وتحسين جودة المنتجات والعمليات الصناعية.
- حماية صحة وسلامة أفراد المجتمع والمحافظة على البيئة.
- رفع كفاءة العاملين وتعزيز قدراتهم وإكسابهم المهارات والخبرات التي تسهم في تطوير أنشطة المقاييس.
- الاعتراف الدولي المتبادل بنتائج القياس والفحص.
مجال الصحة:
إن تسارع التطورات العلمية والتقنية في مجال ابتكار أجهزة التشخيص والعلاج الطبية أوجد حاجة ملحة ومطلباً عاجلاً لكافة الدول للارتقاء بالبنية التحتية لها في مجال المقاييس والتي تخدم القطاع الطبي بحيث تلبي الاحتياجات المتنامية لكي تكون الأجهزة ذات موثوقية ومصداقية عالية في مراحل الفحص والاختبار والتشخيص والعلاج.
ويتطلب الوصول الى ذلك وجود معايير قياس معتمدة وبيانات عن السلسلة في القياس (Traceability) تدعم سلامة وفاعلية الأجهزة الطبية التي تستخدم في مرحلتي التشخيص والعلاج.
يقدم المكتب الدولي للأوزان والمقاييس (BIPM) خدمات المقارنة والمعايرة في مجال الإشعاع لمعاهد القياس الوطنية في العالم إضافة إلى منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتساعد هذه الخدمات في دعم الدقة في التشخيص والفاعلية في العلاج لحوالي سبعة ملايين من المرضى الذين يخضعون للعلاج بالأشعة سنوياً، وكذلك الى33 مليون حالة يتم تشخيصها بواسطة الطب النووي، وأكثر من (360) مليون حاله يتم تشخيصها بواسطة الأشعة السينية. وبالإضافة إلى ذلك، يتم مراقبة نحو (11) مليون شخص يعملون مع الإشعاعات لوقايتهم من الجرعات الزائدة من الإشعاع.
مجال السلامة
إن سلامتنا تعتمد على قيام العاملين في المقاييس بعملهم بإتقان، وفي الواقع فإن القياسات الدقيقة التي يمكن الاعتماد عليها والمقبولة دولياً أصبحت ضرورية في عالمنا الحديث. وللوصول الى ذلك ولبناء قدرات قادرة على إجراء قياسات دقيقة وموثوق بها، لا بد من وجود نظام قياس وطني يعتمد على معايير قياس وطنية ذات خواص فنية عالية يمكن من خلالها نشر وحدات القياس إلى باقي أجهزة وأدوات القياس بشكل يضمن القيام بإجراء قياسات دقيقة ومتوافقة مع الممارسات الدولية.
مجال البيئة
من المؤكد أن نشاطات الإنسان الحالية تؤثر بشكل سلبي على البيئة. لذا فإننا – وأكثر من أي وقت مضى – بحاجة إلى القياسات في بيئتنا لتساعدنا في رصد التغييرات البيئية وتحديد تأثيراتها المستقبلية على الكائنات العضوية الحية، ففي ذلك جودة حياتنا وسلامة بيئتنا.
أنواع المقاييس
المقاييس العلمية:
النشاط المتعلق بالبحث في مجالات القياس التالية: (وحدات القياس، معايير القياس، طرق القياس، أدوات القياس) والعمل على تطويرها.
المقاييس الصناعية:
النشاط الذي يتعلق بضمان صحة نتائج أدوات القياس المستخدمة في العمليات الصناعية من إنتاج وفحص وتفتيش ومراقبة.
المقاييس القانونية:
النشاط المتعلق بالمتطلبات القانونية الإلزامية للقياس ووحدات القياس وأدوات القياس وطرق القياس بحيث تشرف على تنفيذها أو ممارستها جهة حكومية مختصة. ويعتبر هذا النوع الأخير من المقاييس أهم الأدوات في مراقبة وحماية الأسواق حيث تمارس عادة هذا النشاط جهات حكومية تفرض من خلال القوانين والأنظمة واللوائح الفنية متطلبات إلزامية على أدوات القياس المستخدمة في التعامل التجاري او التي قد تؤثر على صحة وسلامة إفراد المجتمع. وتهدف هذه المتطلبات إلى الوصول إلى الثقة بنتائج بأدوات القياس التي تخضع لمثل هذه المتطلبات. مثل ذلك (الأوزان والموازين المستخدمة في التعامل التجاري، مضخات تعبئة الوقود، أجهزة قياس ضغط الدم الطيبة، أجهزة قياس درجة الحرارة الطبية وغيرها).